النشرة: المستقبل الآن – الطاقة النظيفة حاجة لبنان

مما لا شكّ فيه أن بعض المشاكل الجيوسياسية التي تحدث قد يكون لها نتائج إيجابية على المدى المتوسط والبعيد؛ وهذا ما كان دوليًا مع الحرب الروسية-الأوكرانية، وارتفاع أسعار النفط عالميًا، حيث كانت الأثر والدافع الدولي إلى البحث عن حلول طاقة نظيفة تساهم في انخفاض اعتماد الاقتصادات على المستوردات النفطية من دول أخرى، وبأن يصبح لديها أمن ذاتي في مجال توليد الطاقة.

وهذا واقع الحال في لبنان أيضًا، حيث أن عدم قدرة القطاع العام على إدارة حقل هام كقطاع الكهرباء، أدّى إلى ضعف قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على إنتاج طاقة كهربائية تلبي حاجة الأسواق، حيث يتسم قطاع الطاقة في لبنان حالياً باختلال كبير بين العرض والطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج وانعدام الاستدامة المالية. ولذا تبلغ القدرة المتوفرة لمؤسسة كهرباء لبنان 1616 ميغاواط، وهو ما يتناقض مع ذروة الطلب التي تصل إلى 3000 ميغاواط. وهذا ما دفع المؤسسة إلى لا عدالة توزيع الطاقة بشكل ساعات متفرقة على المناطق. على المقلب الآخر، إن رفع الدعم الحكومي عن استيراد المشتقات النفطيّة، وتدهور سعر صرف العملة المحليّة مقابل الدولار الأميركي نتيجة انخفاض الطلب عليه بفعل الأزمة المصرفية والمالية في البلاد، أدّى إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطيّة المسعّرة بالدولار، وإلى ارتفاع كلفة تزويد مؤسسة كهرباء لبنان بحاجتها من النفط في ظل انخفاض حجم إيراداتها بالليرة؛ ما أدّى إلى إنخفاض قدرتها الإنتاجية إلى حدودها الدنيا. على المقلب الآخر، عجزت المولدات الخاصة عن تلبية حاجة الأسواق لأنها وجدت لتلبية حاجات المواطنين لبضعة ساعات يوميًا، لا أكثر؛ لا أن تحلّ مكان الدولة بشكل تام. فأجبر الأمر المواطنين إلى البحث عن مصادر إنتاج طاقة مستدامة، تأمّن لهم إنتاج طاقة كهربائية يلبّي احتياجاتهم اليوميّة. ومن هنا ولدت زيادة الطلب على حلول الطاقة النظيفة التي تمثلت بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية وغيرها.

وان من أهداف خطة العمل الوطنية للطاقة النظيفة والمتجددة في لبنان أن نصل بحدود عام 2030 إلى انتاج 450 ميغاواط في طاقة الرياح و300 ميغاواط في الطاقة الشمسية؛ مع العلم أن قطاع الكهرباء مسؤول عن أكثر من 53٪ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في لبنان؛ وهذا يعني أيضًا أن زيادة استخدام الطاقة النظيفة وحلولها مكان الطاقة الملوثة، يساهم في الحد من الانبعاثات بحلول عام 2030. وان الحاجة للانتقال إلى للطاقة النظيفة هو في خطط الحكومات في منطقة الشرق الأوسط أجمع، حتى ضمن الدول النفطيّة؛ فكيف الحال بدول مثل سوريا والعراق التي شهدتا حروباً لفترات طويلة أدّت إلى تدمير مختلف مصادر الإنتاج الكهربائية.

ولذا، الطريق طويل إلا أنه متى ما وجدت الخطة والآلية التنفيذية لتطبيقها، يمكن أن نصل إلى تحقيقها أو إلى تحقيق جزء مهم منها. وبناء على هذه الدراسات وكثير غيرها. وجد القطاع الخاص أنّ له دور في أخذ زمام المبادرة، وهو ما كان مع “معارض بيروت” المتخصصة في تنظيم المعارض والمؤتمرات الدوليّة، حيث عملت أشهرًا على قراءة الدراسات المتعلقة بالقطاع، وأعدّت العدّة لتنظيم أوّل معرض مختص بالطاقة النظيفة والمتجددة في لبنان تحت اسم “معرض الشرق الأوسط للطاقة النظيفة (Middle East Clean Energy) ” ليساهم في التبني الوطني للطاقة النظيفة والمتجددة، لا أن تبقى أفكارًا في جوارير المكاتب. بالإضافة إلى إلقاء الضوء على قطاع استراتيجي له الأثر في تلبية احتياجات المواطنين والمؤسسات على السواء. كما إلى فتح الحوار بين أهل القطاع لتشجيع الشراكات الاستراتيجية. وإلى توعية المواطنين على أهمية الاستثمار في الطاقة النظيفة لما لها عائد استراتيجي لهم؛ مع الإضاءة على التكنولوجيات الحديثة في القطاع؛ وتزويد العملاء بمروحة كبيرة من الخيارات حتى يختاروا الصفقة الأفضل التي تلبي احتياجاتهم.

وهو ما كان مع الدورة الأولى للمعرض والمؤتمر الذي حدث في العام السابق في لبنان، وشهد نجاحًا ملحوظًا من خلال مشاركة شركات محليّة ودوليّة، بالإضافة إلى حضوره من مئات أصحاب القرار والمهندسين، وأصحاب المشاريع والمواطنين المتلهفين على هكذا حدث يجمع أهل القطاع مع بعضهم البعض، لرسم إمكانيات التعاون آنيًا ومستقبلًا؛ وهو ما يكون مع تنظيم “معارض بيروت” الدورة الثانية لمعرض الشرق الأوسط للطاقة النظيفة (Middle East Clean Energy) في لبنان حاليًا والمزمع أن يكون في 3، 4، و5 أيار / مايو 2023 في فندق الموفنبيك بيروت-لبنان.

المصدر: صحيفة النشرة الإلكترونيّة – يمكن قراءة المقال في الصحيفة من خلال اللينك التالي – انقر هنا